بيان الافتتاح
تونس في 01 ماي 2020
فاتحة القول ما قاله الرّائع دائما فرحات حشّاد “أحبّك حين تبحث وتكثر من البحث عن مجرى أمور بلادك وسير قضيّتك، وحين تنتقد وحين تصيح وحين تغضب وحين تدبّر، وأحبّك حين تدافع عن مختلف النظريات التي تخطر ببالك في سلوك السياسة العامة، وحين تستفسر وتستجوب وحين تناقش وتحاسب: ولكنّك تترك النّزاعات جانبا عند الشدائد وتنسى التشاكس عند العواصف”.
تفتتح الجمعية الوطنيّة لطلبة الدّكتوراه والدّكاترة الباحثين التونسيّين نشاطها، وهي تفتخر بانتقالها من مشروع الفكرة إلى مشروعيّة الجهد والتغيير. مع شرف الانطلاق من وسط علميّ وأكاديميّ خبر فيه أعضاؤها معنى الصبر والتضحية، بما يجعل رؤيتهم لا تقف عند حدود الرّغبة، وإنّما تؤمن بالقدرة على حسن الانجاز. ولا تتقيّد أهدافهم بوهم التمنّي، وإنّما هي إرادة متحرّرة زرعت بذرتها أجيال علّمتنا، وسترسّخها مستقبلا طموحات أجيال مازالت ستُعلّم وتتعَلّم.
إنّ جمعيتنا وهي توجّه نصّها الافتتاحي إلى الرّأي العام، وعلى وجه الحبّ والاعتزاز إلى كلّ طلبة الدّكتوراه والدّكاترة الباحثين التونسييّن بمختلف اختصاصاتهم، تؤكّد على انطلاق مشروعها العلمي الوطني صلب المجتمع المدني إيمانا منها بواجب التنظّم والانخراط في المسار القانوني الذي يكفل لها الآليات الناجعة لتحقيق رؤيتها وأهدافها المستقبليّة. كما تمنح لطلبة الدّكتوراه والدّكاترة الباحثين فضاء للتّواصل والتشارك مع الأعضاء المؤسّسين في أهداف الجمعية التي ينصّ عليها النظام الأساسي والتقرير الأدبي.
وتعوّل الجمعية في مشروعها العلمي على طاقات أكاديميّة خبرت الجامعات ومخابر البحث كفاءتهم، وتشهد نجاحاتهم وانجازاتهم المحليّة والدوليّة على تميزهم وأحقيتهم بالصدارة في مواقع النفوذ والتغيير. ولأنّ جمعيتنا ليست الأولى من نوعها وطنيّا، رغم تفرّدها باحتواء كلّ اختصاصات طلبة الدكتوراه والدّكاترة الباحثين. لن تتأخر على التّعاون مع كلّ ممثلي “المجتمع المدني البحثي” من أجل تطوير البحث العلمي، والتأثير على منوال وطننا الأكاديمي هيكليّا ومهنيّا وبحثيّا، ومن أجل تثمين الطّاقات البحثية داخل الوطن وخارجه من خلال ربط الصّلة بين الزملاء الباحثين في كلّ الجامعات التونسيّة مع زملائهم في المهجر.
وفي انتظار الآتي من الالتزامات والمهمّات التي نعلم ما نريد تحقيقه منها، ولا نعلم ما ينتظرنا فيها من تحدّيات. نؤكّد أنّ إرادة الباحث العلمي متجلّية في كلّ الفضاءات العلميّة والتربويّة، وفي مختلف القطاعات. ورهان الجمعية الوطنيّة لطلبة الدّكتوراه والدّكاترة الباحثين التونسيّين هو التّعريف بها، والارتقاء بمكانة البحث العلمي ليكون وطننا بخير ومستقبلنا بخير. وليكون العِلم في بلادنا لا منهجا تنمويا فحسب، وإنّما رؤية مجتمع وفلسفته التّي يحيا بها ويفكّر بها ويتحرّر بها.
وكما البدايات نختم القول مع عبارات البطل الشّهيد: ” لقد انقضى ذلك العصر الذي لا يحسّ فيه التونسي بآلام غيره ولا يهمّه من أمر الدنيا إلاّ ما يعود على شخصه بالغنيمة مهما كان مأتاها”.