تونس في 28. 01. 2021
تحية طيبة لجميع طلبة الدكتوراه والدّكاترة الباحثين التونسيّين
تمّ يوم أمس مراسلة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي حول ما ورد في مخرجات مجلس الجامعات الخاصّة بالنظام الأساسي الجديد لسلك المدرّسين الباحثين بالجامعات، والذي مازال قيد الدّراسة من قبل سلطة الإشراف. وقد وضّحت الهيئة المديرة في هذه المراسلة بعض الإشكاليات، كما تمّ التعقيب على الصيغة المقترحة لترقية رتبة” مدرّس جامعي”/ مساعد نظام قديم إلى ” أستاذ محاضر صنف 3/ أستاذ مساعد نظام قديم.
وهذا نص المراسلة مرفوقا بالرابط الخاص بمنشور مجلس الجامعات بتاريخ 28 ديسمبر 2018. ومطلب النفاذ إلى المعلومة .
الموضوع: طلب توضيح مُخرجات مجلس الجامعات بتاريخ 28 ديسمبر 2018 الخاصّة بالنّظام الأساسي الجديد للأساتذة الباحثين المدرّسين بالتعليم العالي. مع التحفّظ على ما يهمّ رُتبة “مدرّس جامعي”، والاعتراض على آلية الترقية المقترحة من هذه الرُّتبة إلى رُتبة “أستاذ محاضر صنف 3”.
تحيّة طيّبة، أمّا بعد
ترفع الهيئة المديرة للجمعية الوطنيّة لطلبة الدّكتوراه والدّكاترة الباحثين التونسيّين إلى جنابكم هذه المراسلة للتعقيب على مُقّررات مجلس الجامعات الّتي من المُرتقب تمريرها لاحقا. والتي تهمّ النظام الأساسي الجديد للأساتذة الباحثين بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي. خاصّة منه صفة “مدرّس جامعي” في سلّم الأصناف وفي شروط الانتداب والترقية الخاصّة بسلك المدرسين الباحثين. والّتي تُظهر إشكاليات عديدة تمسّ من حظوظ الدّكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل في الانتداب وفي الخروج من مُعضلة العقود الهشّة. ونوضّح إلى جنابكم مبرّرات هذا التحفّظ في محورين أساسين:
خُطّة “مدرّس جامعي”: بين تسوية وضعيات مهنيّة بالترقية وحقّ حاملي شهادة الدّكتوراه المعطّلين عن العمل في التشغيل:
بناء على ما تضمّنه ملخّص النظام الأساسي الجديد، نُثمّن اشتراط مجلس الجامعات حصول المترشّح للانتداب أو الترقية في سلك المدّرسين الباحثين على “شهادة الدّكتوراه”. وننتظر من سُلطة الإشراف أن تفرض هذا الشّرط في جميع الاختصاصات التي تتوفر على خريجين حاصلين على شهادة الدّكتوراه.
ولا يحجب اشتراط مجلس الجامعات شهادة الدّكتوراه في سلك المدرّسين الباحثين حجم الضّرر الذي ستُلحقه بعض القرارات بالدّكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل. ومنها القرارات الخاصّة برُتبة “مدرّس جامعي” التي تقع ثالثا في سُلّم ترتيب أصناف المدرّسين الباحثين، الذي اقترحتموه في النّظام الأساسي الجديد. ويسبقها في المستوى الثّاني “أستاذ محاضر” صنف 1 و 2 و3، أمّا في المستوى الأول فـ “أستاذ تعليم عال” صنف 1 و2 و3.
وتطرح الهيئة المديرة على جنابكم النّقاط التّالية طلبا للتّوضيح، وللتّعبير عن اعتراضها المبدئي على أيّ تسوية لوضعيات مهنيّة بالترقية، إذا كانت ستكون على حساب حقوق حاملي شهادة الدّكتوراه المعطّلين عن العمل في كلّ الاختصاصات.
1. المدرّسون المباشرون بمؤسّسات التعليم العالي والبحث العلمي دون تحصيل شهادة الدكتوراه واجتياز مناظرة أستاذ مساعد للتعليم العالي:
يتعلّق موضوع هذه المراسلة بالأستاذة الباحثين برتبة مساعد للتعليم العالي. وباشر هذه الخطّة في سلك المدرّسين الباحثين كل من اجتاز المناظرة الوطنية لخطّة مساعد للتعليم العالي، وكان حاصلا على الدّراسات المعمّقة أو على التبريز. كما كان يُشترط على المترشحين لهذه الخطّة أن يثبتوا تقدمهم في مستوى انجاز الأطروحات، ويُستثنى من هذا الشرط المتحصّلين على التبريز. وذلك طبقا لما ينصّ عليه الفصل 34 من الأمر عدد 1825 لسنة 1993 المتعلّق بضبط النّظام الأساسي الخاص بسلك المدرسين الباحثين التّابعين للجامعات. والفصل 2 من الأمر الحكومي عدد 2493 لسنة 2001. وبعد إلغاء مناظرة مساعد للتّعليم العالي في سلك المدرسين الباحثين التّابعين للجامعات، صار الانتداب بالمناظرات الخارجيّة مقتصرا على خطّة أستاذ مساعد للتعليم العالي. مع العلم أنّ عدد الأساتذة المساعدين بالجامعة التونسيّة 2731 حسب إحصائيات 2018/ 2019.
ونلفت نظر المتابعين لمسار التعليم العالي والبحث العلمي في تونس أنّه تمّ تنقيح الأمر الحكومي الحكومي الخاص بالتبريز على النحو التالي:
يباشر المدرّسون المبرّزون مهامهم بناء على ما نصّ عليه النظام الأساسي الخاص بسلك المدرسين المبرزين التابعين لوزارة التربية والتكوين ولوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والتكنولوجيا. على معنى الأمر عدد 1430 لسنة 1998 المؤرخ في 13 جويلية 1998 المتعلق بإحداث وتنظيم مناظرة التبريز في المواد الأدبية والعلوم الإنسانية والعلوم الأساسية.
وعلى الأمر عدد 1431 لسنة 1998 المؤرخ في 13 جويلية 1998 المتعلق بالنظام الأساسي الخاص بالمدرسين المبرزين العاملين بمؤسسات التعليم التابعة لوزارة التربية وبمؤسسات التعليم العالي والبحث التابعة لوزارة التعليم العالي كما وقع تنقيحه بالأمر عدد 303 لسنة 2000 المؤرخ في 31 جانفي 2000. وقد تمّ تنقيحه بناء على الأمر الحكومي عدد 113 لسنة 2016 مؤرخ في 11 جانفي 2016 يتعلق بتنقيح وإتمام الأمر عدد 2438 لسنة 2004 المؤرخ في 19 أكتوبر 2004 المتعلق بضبط النظام الأساسي الخاص بسلك المدرسين المبرزين التابعين لوزارة التربية ولوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
ويباشر المدرّسون المبرّزون مهامهم بمؤسسات التعليم العالي بتسميتهم من طرف الوزير المُكلّف بالتعليم العالي كما ورد في الفصل السّادس من نظامهم الأساسي. ولا يفوتنا حصول عدد هام من المدرّسين المبرّزين على شهادة الدكتوراه. ومنهم من اجتياز مناظرة أستاذ مساعد للتّعليم العالي. وصار يشغل خطة أستاذ مساعد للتعليم العالي. بدل مباشرته التدريس برتبة مبرّز ثمّ مبرّز أوّل عند الترقية.
2. التعقيب على شروط “ترقية مدرّس جامعي” وصيغتها الواردة في النظام الأساسي الجديد
بناء على ما أقرته الأنظمة الأساسية السّالف ذكرها، وعلى معطيات ملخّص مجلس الجامعات حول النظام الأساسي الجديد. نؤكّد على النقاط التالية:
أوّلا، المدرّسون في خطّة مساعد، هم الحاصلون على شهادة الدّراسات المعمّقة أو شهادة التبريز ويباشرون التدريس بمؤسسات التعليم العالي بغير شهادة الدكتوراه، ودون اجتياز مناظرة أستاذ مساعد للتّعليم العالي.
ثانيا، لم يوضّح مُلخّص مجلس الجامعات جميع المعايير الخاصّة بالمدرّسين المعنيين بصفة ” مدرّس جامعي”.
ثالثا، الالتحاق برُتبة “أستاذ مساعد للتعليم العالي” في النّظام الأساسي القديم التي أصبحت “أستاذ محاضر صنف 3” في النظام الأساسي الجديد يكون من خلال مناظرة وطنيّة خارجيّة لحاملي شهادة الدكتوراه. فكيف يقع اعتماد “مناظرة داخلية بالملفّات”، لتمَسّ مباشرة بحقّ المساواة بين جميع المُترشّحين لهذه الرّتبة في سلك المدرّسين الباحثين التّابعين للجامعات ؟
وعليه، فإنّ إقرار النّظام الأساسي الجديد بترقية ” مدرّس جامعي” إلى رُتبة ” أستاذ محاضر صنف 3 من خلال مناظرة داخلية بالملفات يُفضي إلى إشكاليّات عديدة في حقّ الدّكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل نوضحها في النقاط التالية:
أوّلا، يقرّ النّظام الأساسي الجديد يتطابق صفة ” مدرّس جامعي” مع صفة مساعد للتعليم العالي في النّظام الأساسي القديم، الذي ينظّمه الفصل 34 من الأمر عدد 1825 لسنة 1993 المتعلّق بضبط النّظام الأساسي الخاص بسلك المدرسين الباحثين التّابعين للجامعات. والفصل 2 من الأمر الحكومي عدد 2493 لسنة 2001. وهو تأكيد صريح من سلطة الإشراف على ارتباط الصّفة بمن لم يحصل بعدُ على شهادة الدكتوراه. ومن لم يجتز المناظرة الخارجية في خطة أستاذ مساعد للتعليم العالي.
ثانيا، ما ذكره ملخّص النظام الأساسي الجديد من تسهيلات لصالح رتبة “مُدرس جامعي” من أجل إنجاز الأطروحة ونيل شهادة الدكتوراه وبناء ملفّه البحثي. تعبّر على نيّة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي تسوية المسار المهني للمدرّسين الذين لا يحملون شهادة الدّكتوراه في إطار ترقية مهنيّة داخليّة بالملفّات إلى رُتبة أستاذ مساعد للتعليم العالي. وهذا ما يتناقض في صيغته مع فرض شرط التناظر على الدّكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل للانتداب في هذه الخطّة. ومع ما يؤكّده معنى الفصل 25 و 26 من الأمر الحكومي عدد 1825 لسنة 1993 المتعلّق بهذه الرّتبة في النّظام الأساسي القديم الخاص بسلك المدرسين الباحثين التّابعين للجامعات.
ثالثا، يمتلك المدرّسون المتعاقدون من الدّكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل كفاءة عالية، فهم حاصلون على شهادة الدّكتوراه، وأغلبهم باشروا التدريس صلب الجامعة التونسيّة بصفة مدرّس متعاقد سنتين على أقل تقدير. وتحظى ملفاتهم العلميّة بالكفاءة بناء على أنجزوه من مقالات بحثية محكّمة ومن تربصات علمية محليّا ودوليّا. فكيف تُلزمهم سُلطة الإشراف باجتياز المناظرة الخارجيّة في خطّة أستاذ مساعد للتعليم العالي، ولا تُلزم بها من يباشرون مهامهم في خطّة مساعد للتّعليم العالي؟
رابعا، يصرّح النّظام الأساسي الجديد علنا بسدّ شغورات مؤسّسات التّعليم العالي بمدرّسين غير حاصلين على شهادة الدكتوراه، وهو ما يتعارض صراحة مع أولوية تثمين الشّهائد العلميّة وامتيازاتها المهنية التي يكفلها الدّستور. وما يقتضيه حق المتناظرين في تكافُؤ الفُرص. ولعلّ ما ذكرناه من إحصاءات سابقة خير دليل على هذا الخلل. دون أن نُغفل أيضا مباشرةَ 2622 أستاذ تعليم ثانوي لمهامه صُلب الجامعات التّونسيّة بموجب الإلحاق حسب المعطيات الرسمية لسلطة الإشراف 2018/ 2019.
خامسا، مُلخّص النّظام الأساسي الجديد لا يوضّح التفاصيل العلمية والمهنيّة الخاصّة بصفة ” مدرّس جامعي”. ولعلّ أهمّها السقف الزمني والنّصوص القانونية التي ستُفعّل بموجبها هذه الرُّتبة الجديدة في سلك الأساتذة الباحثين التّابعين للجامعات، ولذلك نرجو من جنابكم توضيح هذه المعطيات.
التوصيات :
انطلاقا ممّا عُرض على جنابكم من إشكاليات، تؤكّد الهيئة المديرة للجمعية الوطنيّة لطلبة الدّكتوراه والدّكاترة الباحثين التونسيين انطلاقا من دورها صُلب المجتمع المدني وما يكفله لها الدستور، تحفّظها على الصّيغة المُجملة والمُختزلة للنّظام الأساسي الجديد بناء على ما ورد في الملخّص الصادر عن مجلس الجامعات بتاريخ 28 ديسمبر 2018. واعتراضها على الآلية المقترحة لترقية “مدرّس جامعي” إلى رُتبة “أستاذ محاضر صنف 3”. ونظرا إلى ما ورد من معطيات في مُلخّص النظام الأساسي الجديد وما بدا من إشكاليات في هذه المراسلة، تطرح الهيئة المديرة على جميع الأطراف المتابعة لمجريات النّظام الأساسي الجديد التوصيات التالية:
• تطلب الهيئة المديرة من سلطة الإشراف الاستجابة إلى مطلب النّفاذ إلى المعلومة المُودع مع هذه المراسلة، وذلك للتعرّف على جميع التفاصيل القانونية والإجرائية المرتبطة برُتبة “مدرّس جامعي”، وللإطّلاع على النّص الكامل الخاص بالنّظام الأساسي الجديد قبل المصادقة عليه.
• ترجو الهيئة المديرة أن تتفهّم سلطة الإشراف والسّادة رؤساء الجامعات حق طلبة الدّكتوراه والدّكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل في النّفاذ للمعلومة، وحقّهم أيضا في ضمان أفق انتداب مفتوح.
• التأكيد على ضرورة إيجاد مسار ثابت ومدروس يمكّن حملة شهادة الدّكتوراه من الانضمام إلى سلك المدرّسين الباحثين التابعين للجامعات التونسيّة. ويحفظ أولويّة انتدابهم في مُختلف مخابر البحث.
• دعوة جميع أطراف التّمثيل النّقابي لأساتذة ومدرّسي التعليم العالي إلى حماية حقّ الآلاف من الدّكاترة الباحثين المعطلين عن العمل. وعدم الاقتصار على دعم حقوق منظوريهم من المدرّسين المباشرين بمؤسسات التعليم العالي.
• تنتظر الهيئة المديرة من جميع الممثلين النقابيين فتح حوار جادٍّ وتشاركيّ مع الدّكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل. وتأسيس رؤية وطنيّة شاملة للتعليم العالي والبحث العلمي؛ لا تُؤثر فيها متطلّبات الاصطفاف النّقابي، ولا تمسّ من الحقّ المادّي والمعنوي للآلاف من طلبة الدّكتوراه والدّكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل.
• تندّد الهيئة المديرة بتواصل التّعامل السطحي والعرضي مع الدّكاترة الباحثين المعطّلين عن العمل. وتجدّد تأكيدها على ضرورة تفعيل مطالبهم المشروعة في الصّفة المهنيّة وفي التشغيل. فهم روّاد اقتصاد المعرفة وبفضلهم ستتحقّق التنمية الوطنيّة الشاملة.
وفي انتظار موافاتنا بتوضيح حول هذه الإشكاليات، واستجابة جنابكم إلى مطلب النّفاذ للمعلومة من أجل الاطّلاع على بقية تفاصيل النظام الأساسي الجديد، تقبلوا منا فائق الاحترام والتقدير.
عن الهيئة المديرة
رئيس الجمعية
محمد حدّاد